مقدمة:
يٌعالج هذا الكتاب للدكتورة هبة رؤوف عزت مسألة “الخيال السياسي للإسلاميين” وتطوراته، خاصة فيما يتعلق بمفهوم “الدولة الإسلامية” والعلاقة بين الدين والسياسة.
الكتاب هو دعوة لمراجعة التصورات السابقة والأطر الفكرية التي حكمت خطاب الإسلاميين، ويهدف إلى بناء “عقلية نقدية” تمكن من فهم الواقع والتعامل معه بمرونة وحكمة.
تعريف: الخيال السياسي هو القدرة على التفكير ورسم آفاق مستقبلية تتجاوز التصورات السائدة والجامدة. فالكتاب يسعى إلى “تحرير الخيال السياسي للإسلاميين” الذي يرى أنه “دام قرناً كاملاً” في حالة ركود.
المحاور الرئيسية:
- مراجعة مفهوم الدولة الإسلامية:
- نقد التصورات السابقة: يرى الكتاب أن التصورات السابقة للدولة الإسلامية غلب عليها “العموميات البلاغية والتصورات التاريخية”، مما أدى إلى ارتباك في فهم مسار الحركة الإسلامية.
- الحاجة للمراجعة والتجديد: يدعو الكتاب إلى “مراجعة مفهوم الدولة الإسلامية الحديثة في صورتها القومية كمفهوم معرفي” وإعادة فهمها، والتأكيد على أن “الدعوة إلى المراجعة هنا لا تعني التراجع ولا النقص، بل هي واجب شرعي وتاريخي يقترن بمهمة التجديد”
- إعادة بناء مفهوم “الأمة“: يسلط الكتاب الضوء على أهمية إعادة بناء مفهوم الأمة، والتركيز على العناية بـ “الرابطة الإيمانية والثقافية والمواطنة” بدلاً من التركيز الضيق على الدولة .
- تجاوز مفهوم الدولة المركزية: يرى الكتاب أن الإفراط في المركزية والتركيز على الدولة ككيان سياسي واحد قد أضعف القدرة على استيعاب التنوع والاختلاف داخل المجتمع الإسلامي.
- إشكالية العلمانية وعلاقتها بالخطاب الإسلامي:
- مواجهة “ما بعد العلمانية“: يتناول الكتاب تحولات الفكر الغربي من “العلمانية” إلى “ما بعد العلمانية” ويشير إلى ضرورة تجاوز الفكر الإسلامي لهذه الثنائية.
- نقد التصور السائد للعلمانية: يرى الكتاب أن “العلمانية تعني إفقاد الدين قوته وإخضاعه للدولة، فالمانوية في نظر العلمانية تهدف إلى دفع الدين بالدين في المجال الخاص وتترك للدولة المجال العام والسياسي لتهيمن عليه”
- العلاقة بين الدين والسياسة: يؤكد الكتاب على أن الدين والسياسة يجب أن يكون بينهما “تواصل” لا “انفصال”، وأن العلمانية “ليست فصل الدين عن الدولة بل هي في الأساس قضية معرفية ومفاهيمية”
- الخيال السياسي وأهميته:
- دور الخيال في بناء التصورات: يؤكد الكتاب على أهمية “الخيال السياسي” في بناء التصورات والتفاعل مع الواقع، مشددًا على ضرورة استكشاف “حدود الخيال” في الخطاب الإسلامي
- تجاوز التفكير الخطي: يدعو الكتاب إلى تجاوز “الرصد التاريخي الخطي الأحادي” في تحليل الفكر، والبحث عن “مسارات مغايرة” للخيال السياسي لتجنب الجمود
- توظيف “الأساطير” المعرفية: يرى الكتاب أن “الأساطير” هي أفكار حاكمة تشكل “نسقًا فكريًا” يوجه الفهم، ويدعو إلى استكشاف “أساطير” تحكم الخيال السياسي للإسلاميين
- إعادة قراءة التاريخ: يدعو الكتاب إلى إعادة قراءة التاريخ الإسلامي بهدف استلهام “القدرة على الفعل والاجتهاد”
- التحولات في الساحة السياسية والاجتماعية:
- ظاهرة “العودة إلى السياسة“: يشير الكتاب إلى “عودة السياسة” بعد فترة من غياب الحركات الإسلامية عن المشهد العام، وتأثير ذلك على مفهوم “العمومية” و”الخاصة”
- التحولات في مفهوم “المجال العام“: يرى الكتاب أن “المجال العام” تحول من كونه “سريعًا تضيق فيه الأفكار” إلى “فسيح يتسع ليشمل الملايين” ، وتأثير ذلك على المشاركة الشعبية.
- تطورات “الذات الفاعلة“: يناقش الكتاب تطور “الذات الفاعلة” في المجال السياسي، ويدعو إلى فهم “الفردية والجماعية” في سياق المسؤولية الأخلاقية والمواطنة
- مراجعة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية للعنف: يرى الكتاب أن العنف ليس مجرد “ظاهرة أيديولوجية” بل له أسباب “اجتماعية واقتصادية” عميقة
- الدعوة إلى التجديد والاجتهاد:
- ضرورة الاجتهاد: يؤكد الكتاب على أن “الاجتهاد المطلوب هو في هذا السياق هو «الاجتهاد في ابتكار الوسائل كلما ما يتصل بقضايا الواقع المتجددة ومشكلاته، فهو فريضة إسلامية بما في ذلك الاجتهاد في إيجاد وسائل لكيفية إقامة الدولة الإسلامية»”
- تحرير الخطاب الإسلامي: يدعو الكتاب إلى “تحرير الخطاب الإسلامي من أوهام الاستكبار” (ص 10) والبحث عن “بديل” للحداثة الغربية بدلاً من التقليد الأعمى
- أهمية “الحوار والتواصل“: يشير الكتاب إلى أن العلاقة بين الدين والدولة يجب أن تكون مبنية على “التواصل” و”الحوار” وليس “الانفصال”
- الجمود الفكري في تصور الدولة الإسلامية: يُعتبر هذا الجمود عقبة أمام التجديد والإصلاح، ويدعو الكتاب إلى “بناء عقلية نقدية في النظرية السياسية” تهدف إلى “فهم الواقع بأدوات متنوعة ومنفتحة“، وسد “الفجوة بين النظرية والواقع”.
- الهدف من التجديد: يرى الكتاب أن الهدف من التجديد هو “استعادة المسار” الذي يجمع بين الأصالة والمعاصرة، وأن “تاريخنا طويل ومهمة التجديد تحتاج إلى الجلد والعزم والفهم والصبر”
- قضايا ذٌكرت في الكتاب:
- مفهوم الدولة: يقدم الكتاب رؤية للدولة باعتبارها “كيان هو أداة لرعاية مصالح الناس ومنتج بشري يمكن تحويله إلى آلة هيمنة وأداة للاستبداد.
- ما بعد الإسلاموية” و”ما بعد العلمانية“: يقدم الكتاب تحليلاً لهذه المفاهيم، ويناقش التحديات والتحولات التي تواجه الإسلاميين في فترة ما بعد الحداثة، ويسلط الضوء على ضرورة مراجعة “المنطق الحركي“ وإعادة صياغة التنظيم والنشاط السياسي.
- العلاقة بين الدين والدولة والعلمانية: يتناول الكتاب “فك الارتباط المفترض بين المسلمين وتاريخهم الاجتماعي والسياسي.
- قضية الأقباط: يتناول الكتاب قضية الأقباط ويدعو إلى “تحرير الحوار من التجاذبات المذهبية”
- قضية المرأة: يشير الكتاب إلى أهمية معالجة قضايا المرأة بـ “الاستقلالية الفكرية” و”تجنب التسويق الإعلامي”
- النظام الجنائي الإسلامي: يناقش الكتاب مفهوم “النظام الجنائي الإسلامي” ويدعو إلى تطويره بما يتناسب مع روح العصر
- الاستنتاجات والتوصيات:
يدعو الكتاب إلى نقلة نوعية في التفكير السياسي الإسلامي تتجاوز الأطر القديمة وتستشرف المستقبل برؤية متجددة. هذا يتطلب:
- مراجعة نقدية عميقة للتصورات والمفاهيم، لا سيما مفهوم الدولة الإسلامية.
- تحرير الخطاب الإسلامي من التبعية الفكرية.
- التركيز على القيم الإنسانية المشتركة و”المواطنة” و”العدل والحرية”
- الانفتاح على تجارب الآخرين والاستفادة منها دون تبنيها بشكل أعمى
- تطوير رؤية شاملة للتعامل مع تحديات العصر
اقتباسات:
-
“أزمة الخيال السياسي للإسلاميين تجلت إذاً في تجاهله للتجديد المفاهيمي المركزية، والالتفات إلى بناء الأفكار وتراكمها بشكل يحرص على التجديد والتطوير، فسقطت موضوعات مهمة في الجدل والتطوير، وانصرف الجدل من واقع الركود إلى أفق نوعية في الاقتراب والاجتهاد في ظل تحولات الواقع”
-
“ليس الهدف من هذه الإطلالة والقراءة نقد مواضعه في ساحات الأكاديمين ودوائر المفكرين، كما أننا لا نروم وضع الديمقراطية الليبرالية نموذجاً مثالياً يقاس عليه فكرهم اقتراباً أو تباعداً، والمسكوت عنه، ولماذا سقط واستبعد أو جرى تجاهله. والغرض ليس المدح أو الذم، بل الفهم أولاً والتحليل المفاهيمي ثاني”